ما رايك في شكل الموقع الجديد ؟

المشاركات الشائعة

كولوبان الصفحة الرسمية. Fourni par Blogger.

عصرت ما بيدها في دلو معدني صدئ، ثم ما لبثت أن غمرته بإناء أبيضَ إسطواني مليئٍ قاعُه بتشققات مع بقايا رسمة وردة كادت تصيح مما ألمّ عليها من هول الأيام، أخرجت

 "عفاف" تلك الخرقة البالية مبلولة ووضعتها بلطف على رأس "إحسان" ذلك الفتى ضئيل الحجم، أحمر الأنف، كثير الشهيق والزفير فهو ما زال على هذه الحال ليومين كاملين يشق طريقه نحو الشفاء بينما تحاول جاهدا أيادِ الموت أن تتخطف روحه النقية، وظلت عفاف طيلة تلك الليلة تحادثه وتحكي له ما استطاب له من قصصه المفضلة، بينما في حقيقة الأمر لم تكن تحادث سوى نفسها.
كانت عيناه ترفّان برهة مع بعض تمتمات طلاسمية لم تمكّنها من فك أسرارها، وكل ذلك كانت تحت وطأة ظلمة ديجورية تخللها هزيمُ رعدٍ ولامعاتٌ أوشكت أن تخطف الأبصار، ما كانت قادرة على تذوّق قسط من النوم، ليس خوفا من وحشة تلك الليلة، بل من وقْع ِ آهات هذا الغلام، وأخيرا بعد بضع سويعات، تسلل النوم خلسة إليها فأوسدها حِجرَ إحسان.
صوت طرقاتٍ عالية أيقظها من غفلتها، انتبهت عفاف ورنت نحو ابنها فوجدته غارقا في سباته، تنفست الصعداء وحمدت ربها، ثم انخضت لقرعة الباب المتتالية، ارتدت -بسرعة- ما يغطي رأسها، ونزلت على عجلة لترى من ذا قد يقصد دارنا في مثل هذا الوقت، وعندما وصلت إلى باب البيت وجدته مخلوع الأقفال يمضي جيئة وذهابا مع أيّ هبة ريح، ألقت نظرة في الخارج فلم تجد سوى أصداء الرياح ترتطم بجدران المباني في حـَيِّها المخيف!، رجعت إلى الداخل على الفور، ثم عادت تحمل بكفها مطرقة وبالأخرى لوحًا وبين لحْيَيْها تكاثرت رؤوس المسامير وأذنابها، حاولت جاهدة تثبيت اللوح المهترئ لتسدَّه دون جدوى، وحين باءت بالفشل، قامت بسحب الكنبة -وهي كل ما تملك من متاع- بشق الأنفس ونجحت بصد الرياح عن الدخول عنوة إلى منزلها لتمنعها عن الوصول إلى إحسان.
جلست مسندة ظهرها على تلك الكنبة وطفقت تحدق في سقفها المتصدع، وظلت على هذه الحال حتى عادت إليها نسائم الكرى، فلم يُفِقْها سوى هزة عنيفة خلفها، كادت أن تقعَ على وجهها لولا أن تداركت الأمر بيدها ومرفقها، واستدارت لتنظر إلى بابها يصطدم بعنف مقابل الكنبة، ظنّت أنها من أثر العاصفة لا أكثر فقامت متثاقلة لتحاول أن تدفعها نحو الباب، استغربت من القوة التي كانت تشعر بها، ولكنها استمرت بالمقاومة، وفي اللحظة التي أوشك الباب أن يوصد، انسل ظهر يدٍ وسطَ ما تبقى من مسافة بين الباب وحافته ليلِيَها مرفق يعلوه كُمٌّ أخضر زيتي مع رقعة بنيّة محبوكة بعَجَل، تراجعت من هول هذا المنظر وخرّت إلى الأرض، وبينما همّت كي تتدارك الأمر، فُتح الباب مرافَقًا بوميضٍ انقطع معه تيار المنزل القديم برمتّه، ورأت خلاله ظلا ضخما، مع صوت لهثٍ وقطرات تتساقط على الأرضية، برقتْ ثانيةً وإذا بها تُبصرُ وجها يكاد ينشطر ابتسامًا مع لمعة ضرسٍ يبدو أنه مصنوع من معدن فضي أو ذهبي، فأيقنت أن هذا الظل ليس لبعلْها الخارج للعمل، هبّت لتفر منه فأحكم قبضته على رأسها من الخلف فأرداها أرضا، مع قهقهة حقيرة وعينين تملأهما الجنون و ... 


اذا اعجبتك هذه التدوينة فلا تنسى ان تشاركها وتساعدنا على نشر المدونة ، كما يسعدنا ان تنضم الى قائمة المشاركين في كولوبان

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Translate

Membres